للذوق الأدبى فى اللغة العربية عنوان هو البلاغة العربية التى تضع النصوص الأدبية من شعر ونثر وخطابة وكتابة أدبية على مقاييس الفصاحة والرقة وعذوبة الألفاظ والذوق الادبى الرفيع .
فلنتعرف معا على نشأتها وتاريخها وتطورها.
البلاغة فى اللغة من الفعل بلغ أى وصل .
وفى الاصطلاح : مطابقة الكلام لمقتضى الحال مع فصاحته
وفى ذلك يقول السيوطي في منظومته فى البلاغة:
بلاغة الكلام أن يطابقا
لمقتضى حال وقد توافقا
فصاحة والمقتضى مختلف
حسب مقامات الكلام يؤلف
إذا ففى التعريف شرطان لبلاغة الكلام :
1- أن يطابق مقتضى الحال ويقصد به الامر الداعى إلى التكلم على وجه مخصوص ،ومقتضاه يختلف باختلاف مقامات الكلام .
2- فصاحة الكلام .
فالكلام يوصف بالبلاغة وكذا المتكلم يوصف بأنه بليغ وفى ذلك يقول السيوطي أيضا:
وحدها فى متكلم شهر ملكة على الفصيح يقتدر
فالمتكلم البليغ هو الذى عنده ملكة يقدر من خلالها التعبير بكلام فصيح عن المقصود ومن ليست عنده هذه الملكة فليس بمتكلم بليغ حتى لوتكلم بكلام فصيح .
أقسام علم البلاغة :
يتكون علم البلاغة من ثلاثة علوم هم :
لقد مرت البلاغة بمراحل كثيرة بداية من العصر الجاهلي ثم العصر الإسلامي ثم ما تلا ذلك من عصور إلى عصر التدوين للعلوم بداية بكتابات أبى عبيدة وابن المعتز والجاحظ .
ثم مرحلة التأسيس على يد عبد القاهر الجرجاني بكتابيه دلائل الإعجاز وأسرار البلاغة .
تطور علم البلاغة عبر العصور التى مرت بها :
العصر الجاهلي :
يقول الدكتور شوقي ضيف رحمه الله فى كتابه البلاغة تطور وتاريخ :بلغ العرب فى الجاهلية مرتبة رفيعة من البلاغة والبيان ، وقد صور القرأن الكريم ذلك فى عدة مواضع منها :
(وَقَالُوٓاْ ءَأَٰلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ۚ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًۢا ۚ بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ) ،وقوله تعالى ( وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ)
دلالة على قدرتهم فى البلاغة والفصاحة والجدال .
وكذلك وصف الوليد للقرآن لما سمعه من النبى صلى الله عليه وسلم إن له لحلاوة ، وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق ) .
وهذا دليل على تذوقهم لحلاوة الكلام ولبلاغته .
وكانت قريش أفصح العرب وكانت العرب تعرض أشعارها عليها فى الأسواق التى كانوا يقيمونها كسوق عكاظ وذى المجنة فما قبلوه منها كان مقبولا وما ردوه منها كان مردودا.
وكان يقوم فى ذلك السوق مقام القاضى النابغة الذبيانى فيحكم فى الأشعار فلا يرد حكمه .
ومن ذلك أنه حكم للأعشى على حسان بن ثابت وللخنساء عليه أيضا فغضب حسان وقال له : والله انى لأشعر منك ومنها فقال له النابغة حيث تقول ماذا ؟ قال حيث أقول :
لنا الجفنات الغر يلمعن فى الضحى
وأسيافنا يقطرن من نجدة دما
ولدنا بنى العنقاء وابنى محرق
فأكرم بنا خالا وأكرم بنا ابنما
فقال له النابغة : إنك لشاعر لولا أنك قللت جفناتك وفخرت بمن ولدت ولم تفخر بمن ولدك .
العصر الإسلامي :
زادت فى هذا العصر الاهتمام ببلاغة الكلام وفصاحته ىنزول القران الكريم التى كانت تتلى آيته أناء الليل وأطراف النهار .
وأحاديث النبى صلى الله عليه وسلم وخطبه التى كانت تملأ الأسماع والابصار مهابة وحلاوة وحسن إفهام وقلة عدد كلمات ، وأبوبكر وعمر وعثمان وعلى خطباء مفوهين ولا يبارون فصاحة وبلاغة.
العصر الأموى:
وفى العصر الأموى وجدنا الخطابة بجميع أنواعها وكذلك الخطباء البلغاء كالحجاج وزياد بن أبيه .
وفى زياد يقول الشعبى ( ماسمعت متكلما على منبر قط تكلم فأحسن إلا أحببت أن يسكت خوفا من أن يسئ الا زيادا فإنه كلما أكثر كان أجود كلاما )
العصر العباسي:
هذا العصر تتسع الملاحظات البلاغية لأسباب مختلفة منها مايعود إلى تطور النثر والشعر مع تطور الحياة العقلية والحضارية .
وكذلك نشوء طائفتين من المعلمين عنيت أحداهما باللغةوالشعر والأخرى بالخطابة والمناظرة وإحكام الأدلة ودقة التعبير وروعته .
اتجاه التعقيد وخلط البلاغة بالفلسفة والمنطق :
نتيجة مانقل عن اليونان من منطق وفلسفة نشأ اتجاه جديد فى البلاغة يخلط حدود المنطق والفلسفة بالبلاغة فادى إلى صعوبة فى تعلمها وذلك فى النصف الثانى من القرن الثالث الهجري .
وأصبحت البلاغة جافة ليس فيها حس ولاذوق وهذا الاتجاه زاد ونمى حتى وصل إلى عصور متأخرة ترى ذلك فى شروح سعد التفتازانى وغيره من أصحاب ذلك الاتجاه.
وفى ذلك يقول البحترى :
كلفتمونا حدود منطقكم والشعر يغنى عن صدقه كذبه
ولم يكن ذو القروح يلهج بال منطق ما نوعه وما سببه
وقد ألف ابن المعتز كتاب البديع فى الرد عليهم .
اتجاه اللغويين وأصحاب البلاغة العربية الخالصة:
وهو اتجاه السهولة واليسر والتذوق الادبى والحس البليغ ومن أصحاب هذا الاتجاه الجاحظ في كتابه البيان والتبيين وعبدالقاهر الجرجاني فى كتابيه دلائل إلاعجاز وأسرار البلاغة وابن الأثير فى الجامع الكبير وغيرهم ممن سلكوا هذا الاتجاه.
ردحذفشرح تفصيلي لاقسام البلاغة