شرح قصيدة أبى ذؤيب الهذلي فى الرثاء ( الجزء الأول)

 لاشك أن التاريخ المكتوب والمدون لابد أن يكون مبنى على أحداث واقعية لامجال فيها لخيال المؤرخ فمابالك بمن يؤرخ للاساطير والخرافات التى تتوارثها الشعوب !ولكن لدراسةهذه الأساطير أهمية نعرفها فيما يأتى.

الاساطير

علم الأساطير أو الميثولوجيا( Methodology):

الميثولوجيا متكونة من مقطعين ( ميتوس +لوجوس) ميتوس تعنى ما يتنافى مع العقل ولوجوس تعنى العقل .

وتدل لفظة ميثولوجيا على مجموعة الأساطير الخاصة بشعب ما مثل الميثولوجيا الفينقية والميتولوجيا الإغريقية والميتولوجيا المصرية وهكذا.....

وقد أهتمت الميثولوجيا الحديثة بدراسة الأساطير وتفسيرها ونشأتها ودراسة وظائفها النفسية والفكرية والاجتماعية.

وهناك أشياء مشتركة بين كل الميثولوجيات ففى كل ميثولوجيا توجد أسطورة عن الخلق ونشأة الكون وولادة الألهه وتوجد قصة طوفان أغرق البشرية كلها .

الاسطورة فى اللغة العربية :

يقول ابن منظور فى لسان العرب :

الاساطير :الاباطيل وهى من الفعل سطر واحدتها أسطورة بالضم  ويقال سطر بالتشديد أى ألف ، وأتانا پاحاديث تشبه الاباطيل .

وفى القرأن الكريم (أساطير الأولين ) أى قصصهم الباطلة والكاذبة.

والأسطورة اصطلاحا: هى حكاية مقدسة انتقلت من جيل إلى جيل حتى أصبحت في ذاكرة أمة ما وتاريخها .

تنشأ الاسطورة فى زمن موغل فى القدم لكى تفسر ظاهرة عجز الإنسان عن تفسيرها فخلع الإنسان عليها قوة أكبر من البشر تتحكم وتتدخل فى الظواهر التى يعجز الإنسان عن إيجاد سبب لها أو تفسيرها . 

فمثلا الزراعة طقس أوحت به الآلهة والنار علمتها الآلهة للبشر وهكذا .

الفرق بين الأسطورة والخرافة والخيال :

الاسطورة هى حكاية تفسر بها الظواهر الطبيعية والكونية والخلق تختلف عن الخرافة فى أنها اكتسبت القداسة عبر الزمن وانتقالها من جيل إلى جيل تتفق مع الخرافة بأنها تتنافى مع العقل ومافيها من قوى خارقة وأشياء غريبة .

والخرافة: مايستملح من الكذب من الحكايات والاقاويل والأشياء الغريبة والنادرة والأبطال الخارقين والمبالغة فى تخيل أشياء غير موجودة.

 لكن ليست لها صفة القداسة التى للأسطورة مثلها مثل القصص الشعبى التى يتحاكى بها الناس على المصاطب وفى ليالى الشتاء الدافئة .

والخيال : مايتصوره الإنسان من أشياء لم تحدث على أنها حدثت .

أويكتب قصة أو رواية يتصور فيها واقعا قريبا من الواقع الذى نحياه ولكن فيه مسحة من الخيال ويكون هذاممتعا لخيال القارئ ولعقله بقدر قرب هذا الخيال من الواقع وبعده عن الخرافات والأوهام .

وهذا الخيال يحتاج إليه الشعراء والأدباء لكى يمتعوا الناس بكتاباتهم وأشعارهم.

علاقة الأساطير بالتاريخ والأدب :

أولا :علاقة الاساطير بالتاريخ : الاساطير لها علاقة بالتاريخ لأنه لاتوجد أمة من الأمم ليس لها ميثولوجيا خاصة بها متعلقة بعاداتها وتقاليدها القديمة فعند كتابة تاريخ أى أمة أو حضارة من الحضارات لابد من التعرض لافكارها ومعتقداتها وقصصها وأساطيرها لفهم طبيعة هذه الأمة أو هذه الحضارة.
ولابد للمؤرخ أن يتخذ لنفسه منهجا واضحا عند كتابته لاى تاريخ من التواريخ فلا يخلط فى كتابته تاريخ أى أمة من الأمم بين الأحداث الواقعية وبين الأساطير . 
أول من دعا إلى اتخاذ ضوابط لكتابة أحداث التاريخ:
كان عبد الرحمن بن خلدون رحمه الله هو أول من دعا إلى اتخاذ ضوابط معينة فى كتابة التاريخ فليس كل ما يحكى يكتب على أنه تاريخ حدث بالفعل كما نعى على المؤرخ المسعودى عدم تحريه الدقة فيما يكتب من أحداث ووقائع وذكر أمثلة على ذلك فى كتابه الذى جعله مقدمة لتاريخه .
فالمؤرخ عليه فى بادئ الأمر أن يحدد هل تاريخه سجل لاحداث واقعية أم أنه يؤرخ للاساطير والقصص الشعبية .
ثانيا : علاقة الأساطير بالادب :
بعض الاساطير كانت تكتب على هيئة أشعار يتغنى بها وهناك أساطير كانت مقدسة فى مرحلة بداوة الشعوب ثم بعد تحضرها نزعت عنها صفة القداسة وأصبحت هذه الأساطير تحكى للتسلية وفى أوقات الفراغ.

شعور الإنسان تجاه الأساطير :

قد يصاب الإنسان بالأشمئزاز عندما يسمع او تقرأ عليه أسطورة من الأساطير أو خرافة من الخرافات أو حتى قصة من قصص التاريخ ليس لها سند واقعى وقد يكون سبب هذا الاشمئزاز نفور الإنسان بطبيعته من الكذب أو من ما يتنافى مع العقل .

ولكن هذه الأساطير فى عصرنا محل دراسة فى علم يسمى علم الميثولوجيا يدرس هذه الأساطير لفهم تاريخ هذه الأمم  صاحبة الأساطير وطبيعتهم ومعتقداتهم . 

العقل والخرافة :

قد يصدق الإنسان الخرافة حتى فى أرقى الأمم فقد يعتقد النفع فى حجر من الاحجار فى أنه يدفع عنه مرض ما أو يجلب له الحظ أويعطيه قوة إيجابية أوغير ذلك .

وفى الختام سؤال :

هل توجد أمة من الأمم أوحضارة من الحضارات مهما بلغت تقدمها وعقلانيتها أن تخلوا حياتها من الأساطير والخرافات؟