فصاحة الكلمةوالتدريب عليها
هذه المقالة تعتبر تكملة للمقدمة السابقة فى علم البلاغة وموضوعنا هنا فصاحة الكلمةومايخل بفصاحتها ، مع ذكر أمثلة للتدريب عليها ، فما يهمنا فى هذا المقام ليس مجرد ذكر لقواعد جافة لكى تحفظ وفقط ، ولكن مايهمنا ونسعى إليه هو الارتقاء بالذوق البلاغى والأدبى لدى القارئ الكريم ، ويأتى ذلك بكثرة الأمثلة والتطبيقات لنتدرب عليهما سويا .
تعريف الفصاحة فى اللغة والاصطلاح
فى اللغة : البيان والظهور
فى اصطلاح البلاغيين : عبارة عن الألفاظ البينة الظاهرة المتبادرة إلى الفهم والمأنوسة الاستعمال بين الكتاب والشعراء لمكان حسنها .
شرح التعريف :
من خلال تعريف الفصاحة : يظهر لنا شروط الكلمة الفصيحة وهى :
- أن تكون الكلمة واضحة المعنى .
- يفهم معناها بغير مشقة .
- مستعملة عند الكتاب والشعراء و لاتكون غريبة .
- أن تكون حسنة لها تأثيرها على الأسماع والقلوب .
">العيوب التى تخل بفصاحة الكلمة
ولابد أن تخلو الكلمة الفصيحة من أربعة عيوب وهى :
- تنافر الحروف
- غرابة الاستعمال
- مخالفة القياس
- الكراهة فى السمع
الأول : تنافر الحروف وهو وصف فى الكلمة يوجب ثقلها على السمع وصعوبة آدائها باللسان بسبب كون حروف الكلمة متقاربة المخارج .
وهو نوعان :
النوع الأول : شديد الثقل مثل كلمة الظش ( الموضع الخشن )
وكلمة الهعخع (نبات ترعاه الإبل ) من قول أعرابى :
تركت ناقتى ترعى الهعخع
النوع الثانى : خفيف الثقل ، مثل النقنقة ، وهو صوت الضفادع
وكلمة النقاخ للماء العذب
وكلمة مستشزرات بمعنى مرتفعات من قول امرئ القيس يصف شعر ابنة عمه :
غدائره مستشزرات إلى العلا تضل العقاص فى مثنى ومرسل
ضابط معرفة الثقل والخفة
لايوجد هناك ضابط لمعرفة الثقة والخفة سوى الذوق السليم والحس الصادق عن النظر فى كلام البلغاء وممارسة أساليبهم .
العيب الثاني
غرابة الاستعمال :
ومعناه : أن الكلمة غير واضحة المعنى لكونها غير مستعملة عند العرب الفصحاء .
والغرابة قسمان :
القسم الأول : مايوجب حيرة السامع فى فهم المعنى المقصود من الكلمة لترددها بين معنيين أو أكثر بلا قرينة وذلك في الألفاظ المشتركة مثل كلمة مسرجا من قول رؤية بن العجاج :
ومقلة وحاجبا مزججا وفاحما ومرسنا مسرجا
فلا يعلم ما أراد بقوله (مسرجا ) حتى أختلف أئمة العربية فى معناها ، فقال ابن دريد : معناها أن أنفه فى الاستواء والدقة كالسيف السريجى .
وقال ابن سيده : يريد أنه فى البريق واللمعان كالسراج .
فلهذا يحتار السامع فى فهم المعنى المقصود لتردد الكلمة بين معنيين بدون قرينة تعين المقصود منهما .
أما مع القرينة فلا غرابة مثل كلمة( عزر) بالتشديد فى الزاى ، فى قول الله تعالى : ( فالذين ءامنوا به وعزروه ونصروه ) فإنها مشتركة بين التعظيم والإهانة فى أصل معناها اللغوى ، لكن ذكر النصر قرينة على إرادة التعظيم .
القسم الثانى :ما يكون غريبا لاحتياج السامع إلى تتبع اللهجات العربيه وكثرة البحث فى المعاجم اللغوية .
وهذا قسمان أيضا :
الأول :
مايعثر له على تفسير بعد تعب وجهد مثل قول عيسى بن عمرو النحوى :
مالكم تكأكأتم على تكأكؤكم على ذى جنة إفرنقعوا عنى .
ومعناها : مالكم اجتمعتم على تجمعكم على مجنون انصرفوا عنى .
وهذا إنما يكون للتفاخر بمعرفة الكلمات العربية الغريبة ، أو مايسمونه التقعر فى اللغة .
الثاني :
مالايعثر له على معنى مثل جحلنجع فى قول أبى الهميسع :
من طمحة صبيرها جحلنجع لم يحضها الجدول بالتنوع .
العيب الثالث
مخالفة القياس : وهو كون الكلمة غير جارية على قواعد علم الصرف .
مثل كلمة الأجلل فى قول أبى النجم :
الحمدلله العلى الأجلل الواحد الفرد القديم الأول
فإن القياس الأجل بالإدغام ولا مسوغ لفكه
ويستثنى من ذلك ماثبت استعماله لدى العرب مخالفا للقياس مثل كلمتى المشرق والمغرب بكسر الراء فيهما والقياس فتحهما .
العيب الرابع
الكراهة فى السمع :
أن الكلمة تكون وحشية تكرهها الأسماع كما تكره الأصوات المنكرة مثال ذلك :
قول أبى الطيب المتنبي يمدح سيف الدولة :
مبارك الإسم أغر اللقب كريم الجرشى شريف النسب
الجرشى معناها : النفس .
تدريب على فصاحة الكلمة
مالذى أخل بفصاحة الكلمة فيما يأتي :
قول جميل :
ألا لا أرى إثنين أحسن شيمة على حدثاز الدهر منى ومن جمل
قول الفرزدق :
وإذا الرجال رأو يزيد رأيتهم خضع الرقاب نواكس الأبصار
وقال أبو تمام :
قد قلت لما اطلخم الأمر وانبعثت عشواء تالية غبسا دهاريسا
الإجابة فى الدرس القادم باذن الله
الختام :
وفى نهاية الدرس نتمنى أن نكون قد وفقنا فى توصيل المعلومة بكل سهولة ويسر ، والى اللقاء في الدرس القادم إن شاء الله .
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته
تعليقات
إرسال تعليق
اكتب تعليقك وشارك برايك