الدرس الأول من دروس علم الصرف
( مقدمة فى علم الصرف )
الصرف أخو النحو وقرينه ولايذكر النحو الاويذكر الصرف وقدكان النحويون الأوائل يخلطون بين النحو والصرف فى كتبهم اللغوية ولم ينفصل الصرف عن النحو كعلم مستقل الا فى العصور المتأخرة وصارت له كتب منفصلة عن النحو .
وعلم الصرف علم مظلوم قديما وحديثا ، لصعوبة يراها الدارسون فيه لذلك يهمله بعض الناس ولايهتمون به .
وكذلك من يرى النحو صعبا فإنه يرى الصرف اصعب منه
لكن على دارسى اللغة العربية ومحبيها أن يستعذبوا الصعاب من أجل لغتنا الجميلة .
وهنا باذن الله نقدم فى هذه المقالة مقدمة مهمة تعريفية لعلم الصرف لدارسى العربية .
فى اللغة تدور الكلمة بين معانى التغيير والتحويل والتبديل .
فمثلا تقول : صرفت المال ، أى أنفقته وانتقل من يدى الى يد غيرى
وتصريف الرياح : أى تبديل وتغيير اتجاهاتها .
علم الصرف اصطلاحا :
عرفه الرضى فى شرح شافية ابن الحاجب فى الصرف ، بإنه علم بأبنية الكلمة وبما يكون لحروفها من أصالة ، وزيادة ، وحذف ، وصحة ، وإعلال ، وإدغام ، وإمالة ، وبما يعرض لآخرها مما ليس بإعراب ولا بناء كالوقف وغير ذلك .
من خلال هذا التعريف نعلم أن موضوع علم الصرف الذى يبحث فيه هو بنية الكلمة وعدد حروفها وتكوينها ، ثم أحوالها التى تطرأ على حروفها .
هل حروفها كلها أصلية أم بها حرف من حروف الزيادة لأن لهذا تأثير فى اللفظ والمعنى فالزيادة فى اللفظ زيادة فى المعنى .
وهل فى الكلمة حرف محذوف أم لا فمثلا كلمة قل فيها حرف محذوف فكيف نعرفه، من خلال علم الصرف نعرفه .
وقد يكون فى حروف الكلمة الصحيح والمعتل ، أو حرف يدغم فى حرف آخر أو حرف يمال وهو النطق بالحرف بين الألف والياء .
الفرق بين موضوع علم النحو وموضوع علم الصرف
الفرق بين علم الصرف وبين علم النحو واضح ،لان علم النحو لا يتناول الا آخر حرف فى الكلمة وما يعتريه من تغير العوامل الداخلة عليه من الرفع ، والنصب ، أوالجر .
أما موضوع علم الصرف فهو أوسع من موضوع علم النحو فهو يتناول الكلمة كلها .
وكذلك آخر حرف فيها وما يعتريه من تغير مما ليس بإعراب ولا بناء ، لان هذا موضوع علم النحو ، وإنما يتناول أشياء كالوقف مثلا ، و غير ذلك .
مقدمة تاريخية عن علم الصرف
أول من وضع علم الصرف :
أختلف العلماء فى أول من وضع هذا العلم ، فقيل إن أول من وضعه هو معاذ بن مسلم الهراء ، وقيل أن من وضعه هو على بن أبى طالب رضي الله عنه وقيل غير ذلك ، وأكثر الناس على أن أول من وضعه هو معاذ بن مسلم هذا .
لكن هذا لا يثبت على التحقيق ، والصحيح أن الصرف نشأ مع النحو وخلطت مسائله بمسائل النحو هذا كان أولا ، ثم حدث نوع من التميز ، فمن يؤلف فى النحو يجعل فى آخر كتابه صفحات قليلة لعلم الصرف ، ثم تطور الأمر بعد ذلك وأصبح لعلم الصرف كتبا خاصة به .
لكن خلط مسائل النحو ظل موجودا مع وجود كتب متخصصة فى الصرف فمثلا : تجد كتاب سيبويه فى النحو جمع بين النحو والصرف فى كتاب واحد , لكنه ميز النحو عن الصرف .
ثم ننتقل بعده إلى المبرد فى كتابه المقتضب خلط بين النحو والصرف بطريقة لاتستطيع أن تفرق بين مسائل النحو ومسائل علم الصرف فيه .
وكان كتاب المقتضب هذا قد أكتشف مخطوطته الدكتور محمد عبد الخالق عضيمة رحمه الله فأخذه وحققه ونشره ، ولكن الكتاب يحتاج إلى ترتيب وتهذيب لمسائله ، ولعل الله أن يوفق من الباحثين من يقوم بهذا الأمر ، خدمة للغتنا العربية وللتراث العربى .
وبعد ذلك ترى هذا الخلط عند ابن مالك فى ألفيته فهو بدأ ألفيته بالنحو استغرق معظم الألفية ، ثم قبل النهاية بأبيات قليلة جعلها لعلم الصرف .
وحتى أنه جعل منظومته لامية الأفعال وهى فى الصرف وهى قصيرة لم تستوعب مسائل علم الصرف كلها .
المؤلفات فى علم الصرف
نستطيع أن نقسم المؤلفات فى علم الصرف إلى قسمين :
القسم الأول : مؤلفات جمعت بين علم النحو وعلم الصرف منها:
الكتاب لسيبويه
المقتضب للمبرد
المفصل للزمخشرى
ألفية ابن مالك
كتاب جمع الجوامع للسيوطى
ارتشاف الضرب لأبى حيان الأندلسي
جامع الدروس العربيه للشيخ مصطفى الغلايينى .
القسم الثانى : مؤلفات مختصة بعلم الصرف وحده منها :
أقدم كتاب وصل إلينا متخصص فى علم الصرف هو كتاب التصريف لأبى عثمان المازني وشرحه ابن جنى فى كتاب المنصف له .
التصريف الملوكى لابن جنى .
كتاب الممتع فى التصريف لابن عصفور الإشبيلى .
كتاب الشافية لابن الحاجب وشرحه رضي الدين الاستراباذى ، وهذا الكتاب وشرحه هو أجل كتب علم الصرف ، وهو معتمد الباحثين إلى اليوم .
شذا العرف فى فن الصرف للشيخ أحمد الحملاوى .
دروس التصريف للشيخ محمد محى الدين عبد الحميد .
صعوبة علم الصرف وغموضه
وقلة المؤلفات فيه
يقول ابن عصفور الإشببلى :
إن هذا العلم صعب وغامض يستصعب على كثير من علماء اللغة العربية وكثرت سقطاتهم ، وغلطاتهم فيه ، ثم ساق أمثلة لسقطات علماء اللغة الكبار أمثال : أبى عبيدة ، وثعلب وغيرهم .
لذلك قلت المصنفات فيه ، وقلة عدد المنشغلين به والمقبلين عليه .
نتيجة لذلك تم تقديم علم النحو عليه ، والأصل أن يقدم علم الصرف على النحو فى التعليم لأنه لابد للمتعلم أن يتعرف على كيفية صوغ الكلمة واوزانها وحروفها الأصلية والزائدة ، والصحيح والمعتل ، وغير ذلك من مسائل علم الصرف قبل البدء فى معرفة أحوال تراكيب الكلمة مع غيرها الذى هو موضوع علم النحو .
لهذا السبب جعل أبو حيان الاندلسي الصرف أولا قبل النحو فى كتابه الماتع ارتشاف الضرب من لسان العرب وهو كتاب يشبع نهمة طالب العلم المجتهد ، فمن توفرت همته فليرجع إليه .
وجه الصعوبة فى علم الصرف
قد أرجع بعض الباحثين صعوبة علم الصرف إلى أمرين مهمين :
الأمر الأول : أن الصعوبة فى علم الصرف لم تجئ من مسائله كالمجرد والمزيد ، والمشتقات ، وغيرها .
إنما جاءت من ما يسمى مسائل التمرين ، وهذه المسائل عبارة عن اختبارات معقدة يظهر بها عالم الصرف قدرته الصرفية على صوغ الكلمة وبنائها ووزنها .
وقد يكون هذا بقصد تمرين الطلاب واختبار قدراتهم ، وتكون بقصد التفاخر ومغالبة الخصم فى المناظرات اللغوية بين العلماء .
الأمر الثاني :
هناك بابان من علم الصرف يغفلهما طلبة العلم ، أو يمرون عليهما مرور الكرام من غير إتقان ، فيكون مابعدهما أصعب منهما أما لو أتقن طالب العلم هذين البابين لكان مابعدهما أسهل منهما .
ألا وهما : باب الميزان الصرفى وهو فاتحة هذا العلم وعليه يبنى كثير من المسائل الصرفية .
والباب الثاني : هو باب الإعلال ، وهو خاتمة الصرف ، وكثير من الدارسين يحجمون عن هذا الباب ولا يتعلمونه .
فلو أتقن طالب العلم هذين البابين فاتحة وخاتمة لكان مابينهما سهلا ولا يستعصى على الأفهام .
وهذه بعض الكتب المؤلفة فى علم الصرف سهلة العبارة قريبة الفهم أرشحها لمن يريد تعلم هذا العلم :
كتاب المستقصى فى علم الصرف للدكتور عبداللطيف محمد الخطيب .
كتاب المغنى فى تصريف الأفعال للدكتور محمد عبد الخالق عضيمة
كتاب دروس التصريف للشيخ محمد محى الدين عبد الحميد
كتاب تصريف الأسماء للدكتور أحمد حسن كحيل
الختام :
إلى هنا قد انتهينا من الدرس الأول من دروس علم الصرف وكان عبارة عن مقدمات مهمة لدارس هذا العلم وبقيت بعض المسائل سنكملها فى الدرس القادم باذن الله .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعليقات
إرسال تعليق
اكتب تعليقك وشارك برايك