' name='description'/> شرح قصيدة أبى ذؤيب الهذلي فى الرثاء ( الجزء الأول)

القائمة الرئيسية

الصفحات

شرح قصيدة أبى ذؤيب الهذلي فى الرثاء ( الجزء الأول)

 شرح قصيدة أبى ذؤيب الهذلي      فى الرثاء ( الجزء الأول)

تتميز قصائد الرثاء فى أغلب الأحيان بالمشاعر الصادقة وروعة وجمال التعبير عن ما يعتمل فى نفس الإنسان من مشاعر الحزن ولوعة الفراق ، وتظهر قدرة الشاعر الفائقة فى إظهار هذا الحزن فى كلماته وعلى الجو العام للقصيدة 
ونحن اليوم موعدنا مع واحدة من أجمل القصائد وأروعها فى الرثاء وتمتاز بالفخامة وجمال الألفاظ ودقة التعبير ، وروعة التشبيه . 

ألا وهى قصيدة أبى ذؤيب الهذلي فى رثاء أولاده الخمسة، لأنه فقدهم جميعا فى عام واحد بسبب الطاعون .
فهذه القصيدة هى بحق من ذخائر تراثنا العربي ، وهى فى الذروة العليا من الشعر  مع سهولة الألفاظ وقرب المعانى .


التعريف بالشاعر وقبيلته :

اسمه : خويلد بن خالد بن محرث ، من بنى هذيل ، كنيته التى اشتهر بها : أبو ذؤيب الهذلي .
وهو أحد المخضرمين أدرك الجاهلية والإسلام فحسن إسلامه ، قال ابن سلام كان شاعرا فحلا ، لا غميزة فيه ولا وهن ، وقال أبو عمرو بن العلاء : سئل حسان : من أشعر الناس ؟ قال : حيا أو رجلا ؟ قال: أشعر الناس حيا هذيل ، وأشعر هذيل غير مدافع أبو ذؤيب .
ومات مرجعه من غزو الروم فى الطريق .
الجو العام للقصيدة : 
هلك أولاد أبى ذؤيب الخمسة فى عام واحد بسبب الطاعون وكانوا رجالا ولهم بأس ونجدة فرثاهم جميعا بهذه القصيدة الرائعة .
فالقصيدة يغلب عليها طابع الحزن ، وغلبته على نفس الشاعر ، وتأثره به ، وفى بعض الأبيات يصبر نفسه على فراق أولاده .
وتبدأ الأبيات بحديث دار بينه وبين امرأة سماها أميمة تسائله عن شحوب جسده وأرقه فيبين لها أن سبب ذلك هو ألمه وحزنه على أولاده .
ومما يلفت النظر فى هذه القصيدة أنه ابتدأ الأبيات : ١٦ ، ٣٧ , ٥١ بمطلع واحد .

 وهو :  والدهر لايبقى على حدثانه .
وبعد كل مطلع من هذه الثلاثة يحكى مشهدا متخيلا عن هلاك شئ مع قوة هذا الشئ وتصديه للموت ومع ذلك يخر صريعا ويهلك .
فبعد المطلع الأول : يذكر هلاك حمار الوحش ووصف قوته ومع ذلك هلك .
وبعد المطلع الثانى : يذكر قصة ثور ويذكر قوته وبأسه ومع ذلك هلك أيضا .
وبعد المطلع الثالث : يذكر مصرع بطل فارس شجاع كامل السلاح عندما تشاجر مع بطل آخر مثله فهما يتصارعان ، وفى آخر الأمر يخر صريعا قتيلا .
كأنه بذكر هذه الأشياء يصبر نفسه ، وستتضح هذه الأبيات أكثر عندما نصل إليها فى الشرح بإذن الله .

تخريج القصيدة :

القصيدة مذكورة فى المفضليات للضبى ، وهى من أوثق الكتب فى رواية الشعر العربي .
وهى فى جمهرة أشعار العرب ، وجمهرة ابن دريد ، والعقد الفريد ، والأغاني .
والقصيدة فى الذروة العليا من الشعر قال الأصمعى وأبو عمرو وغيرهما : أبرع بيت قالته العرب : قول أبى ذؤيب : (والنفس راغبة )، وقالوا أيضا : أحسن ماقيل فى الصبر :  (وتجلدى للشامتين) .

نص القصيدة :

القصيدة كلها خمسة وستون بيتا كما هى فى المفضليات للضبى ولكننا سنكتفى فى هذا المقالة بالسبعة ابيات الأولى من القصيدة خشية الإطالة .

١-أمن المنون وريبها تتوجع            والدهر ليس بمعتب من يجزع
                            
٢-قالت أميمة : مالجسمك شاحبا      منذ ابتذلت ومثل مالك لا ينفع
                                
٣- أم ما لجنبك لا يلائم مضجعا        إلا أقض عليك ذاك المضجع

                              
٤- فأجبتها : أما لجسمى أنه           أودى بنى من البلاد فودعوا 
                          
٥- أودى بنى وأعقبونى غصة          بعد الرقاد وعبرة لا تقلع 
                           
٦ - سبقوا هوى وأعنقوا لهواهم        فتخرموا ولكل جنب مصرع 
                          
٧- فغبرت بعدهم بعيش ناصب      وإخال أنى لاحق مستتبع 

 التعليق على الأبيات : 

فى البيت الأول : يذكر الشاعر معاتبة لنفسه أنها تتوجع وتحزن على المنون - جمع منية وهى الموت - مع أن الزمن لا يرجع ما فقدته بسبب حزنك .
ومعتب : من العتبى أى المراجعة بمعنى إذا جزعت على الموت فلن يراجعك الدهر 
البيت الثانى : قالت أميمة ربما تكون امرأته ، أو تخيل أن امرأة تواسيه على حزنه وسماها أميمة .
 فهى تقول له ما لى أرى شحوب جسمك منذ ابتذلت - يعمل بنفسه ويشتغل - بعد أن كان أولاده يكفونه مؤنة العمل والتعب قبل موتهم .
وتقول له : ابحث عمن يعمل عندك بأجر وابذل مالك فما فائدة المال الذى معك إذا هو لم يكرمك  . 
البيت الثالث : 
وتسائله أيضا : مالذى حدث لجنبك لم يعد يستقر على مضجع - مكان الاضطجاع - أى النوم .
ألا أقض عليك : أى كأنه صار على فراشك قضيض - حجارة صغيره- فلم تستطع النوم على فراشك .
البيت الرابع : 
فأجابها : أن الذى بجسمى هو بسبب موت أولادى من البلاد فودعوا .
وأما: أصلها : أن ما ، وما موصولة بمعنى الذى ، وأودى أى هلك .
البيت الخامس : 
يقول : هلك ابنائى وتركوا لى حرقة فى صدرى على موتهم ، وعبرة لا تقلع : أى دمعة لا تجف حزنا عليهم .
البيت السادس : 
يقول : سبقوا هوى - أى هواى بلغة هذيل -  وأعنقوا لهواهم : كأن أبناءه أحبوا الموت وفراق أبيهم فسارعوا إليه وغلبوا هوى أبيهم الذى أراد لهم البقاء .
فتخرموا : بضم التاء والخاء وكسر الراء مع التشديد ، أخذوا واحدا واحدا  .
البيت السابع : 
فغبرت : أى بقيت ، والغابر :  الباقى ، ناصب : التعب والمشقة .
يقول : أنه بقى بعدهم يعيش متعبا والأمر شديد عليه .
ويظن أنه لاحق بهم ومتبعهم إلى ما صاروا إليه .

الختام :

إلى هنا نتوقف ، ونكتفى بهذا القدر ، وسنتابع كلامنا على هذه القصيدة فى المرة القادمة بإذن الله تعالى .
              والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

أنت الان في اول موضوع
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق

إرسال تعليق

اكتب تعليقك وشارك برايك

التنقل السريع